الاثنين، 16 أبريل 2012

النظرية الواقعية الكلاسيكية :


النظرية الواقعية الكلاسيكية... من إعداد : صابر آيت عبد السلام .

تعتبر المنطلقات الفكرية السابقة وليدة تقاليد فرية مرتبطة بأعمال العديد من المفكرين عبر الزمن مثل: هوبز، روسو كذلك توسيدايد، وماكيا فلي، وكلوز فيتز لكي لا نذكر سوى المفكرين القدامى الأكثر تأثيرا، هذه المنطلقات ارتكز عليها ممثلي المدرسة الواقعية المعاصرة أثناء النقاشات والانتقادات التي تعرضوا إليها من طرف المنظورات المنافسة.
   يرجع الأصل في ظهور الواقعية العصرية إلى أعمال بعض المفكرين مثل المحلل السياسي فردريك شومان أو الجيوسياسي  Nicolas spykman وعالم الاجتماع Max weber والفيلسوف Carl  shmitt وأيضا عالم الطبيعة الانجليزي Charles Darwin.
   وخاصة كل من عالم التاريخ البريطاني Edward. H. Carr وعالم الدين البروتستانتي الأمريكي Reinhold Neibuhr اللذين كان لهما الفضل البالغ في تطوير المنظور الواقعي بعد الحرب العالميةII.
   فالدور الذي قام به Carr يكمن في إعطائه مفهوم واضح للقوة في إطار انتقاده للمثالية التي طغت بين الحربين حيث رأى أن بريطانيا تمتلك من القوة التجارية قدرا يغنيها التفكير بإمكانية تشابك المصالح الاقتصادية بين الدول وبإمكانية قيام نظام عالمي الذي كانت المثالية تنادي به.
   وجاء ذلك في كتابه أزمة العشرين عام 1919-1939 حيث قال أن السياسة هي في جانب من الجوانب دائما سياسة القوة.
   حيث اعتبر أن سياسة القوة شيء مسلم به سواء كغاية أو وسيلة أو سبب إلا أنه لم يذهب إلى أوسع من ذلك فهو لم يتساءل عن سبب طغيان هذه القوة، أو هل أنها ترجع في أصلها إلى طبيعة الإنسان؟ أو هل هي نتاج للبنية الفوضوية للنظام الدولي؟ هل ترجع إلى غاية كل دولة في تحقيق أمنها؟.
    توسع Neibuhr في هذه النقاط أكثر بحيث يقول أن: "السياسة محكوم عليها أن تكون صراعا من أجل القوة" ويرجع ذلك إلى طبيعة البشر وهذا ما يبينه في مؤلفه Moral man and immoral society حيث يرى أن الإنسان يخضع إلى طبيعته التي تدفعه إلى توسيع حدود قدراته حيث أن إرادته الذاتية في البقاء Will to Live تتزاوج مع حبه للقوةwill to power وهذا ما يتضاعف داخل المجتمعات السياسية أي الدول الأمم ما يؤدي إلى تدمير السلام بين المجتمعات هذه الفكرة التي اعتبرها الدبلوماسي الأمريكي Kennan (كاتب الدولة الخارجية)  أساسية كما اعتبر Niebuhr أب الفكر الواقعي الأمريكي، سوف تستعار من طرف مواطنه هاتز مورغنتاو Hans Morgenthan الذي ذهب أبعد مما قام به Carr في انتقاده للمثاليين و Niebihr في نظريته حول الطبيعة البشرية حيث كان أول المفكرين الذين حاولوا وضع نظرية واقعية في السياسة الدولية، هذا ما جاء في الفصل الأول من كتابه الشهير السياسة بين الأمم، هذه النظرية تكون قادرة على شرح العلاقات التي تدور بين الدول، تفسير معظلات التحركات الدبلوماسية، تقدر وتحكم على السياسات الخارجية للأمم المختلفة. لذا يمكن اعتبار مورغنتاو الأب المؤسس للواقعية الحديثة.
   انطلاقا من التناقض الذي بينه Carr بين المثالية الأوتوبية وبين الواقعية، موغنتاو استمد إلهامه من أعمال Niebihr في تأسيسه لواقعيته التي تقترح دراسة السياسة كما هي ليس كما يجب أن تكون أي دراسة الوضع القائم Statut guo  ,حول طبيعة الإنسان, الواقعية السياسية تعتقد أن السياسة مثل المجتمع تتحكم فيها قوانين موضوعية  ترجع في جذورها إلى البشر هذه الطبيعة تتميز بمجموعة من الغرائز البيوبسيكولوجية مثل: غريزة حب البقاء، التكاثر، السيطرة، الموجودة عند كل البشر وعلى هذا فالإنسان أناني بطبعه وفي عالم تقل فيه الموارد فإن الرغبة في القوة هي التي توجه سلوكه هذه الرغبة هي القوة لا تتحقق فعلا إلا حينما يكون كل البشر تحت سيطرته => Scientific men VS Power Politics .
   هذا التفسير ترجع إلى تفسيرات Max weber للسلطة أو القوة حيث عرفها على أنها: "هي كل فرصة تتاح من أجل تأكيد طغيان إرادة فرد على الآخرين حتى وإن واجهت مقاومة".
   وهذا ما يعرف بـ: L’animus dominandi الذي يعتبر جزء من أي علاقة اجتماعية بين البشر وبالتالي لكل علاقة سياسية بينهم سواء على المستوى الداخلي أو الدولي.
   حيث يقول مورغنتاو في السياسة بين الأمم أن: "السياسة الدولية مثل كل سياسة هي صراع من أجل القوة" وهذا لأن الأفراد الأنانيين بطبعهم والمنظمين تحت لواء الدولة الأمة يعملون على تصدير غرائزهم إلى الساحة الدولية، ففي السياسة الخارجية لا تسعى الدولة ولا تعترف إلا بالمصلحة الوطنية الأنانية المعبر عنها بالقوة (أنانية لأنها تشبع مصلحتها على حساب الدول الأخرى، هذه المصلحة الوطنية هي مصلحة الأفراد إلا أن هذه الفكرة انتقدت خاصة من طرف Raymon Aron الذي يرى المصلحة الوطنية لا يمكن حصرها إلا في مصلحة الأفراد) فمهما كان الهدف من أي سياسة خارجية لأية دولة، ومهما كان غرضها من وراء ذلك، فإن البحث عن القوة هو الهدف والغاية الأولى سواء من خلال تغيير موازين القوى الموجودة أو على العكس الحفاظ عليها من خلال إتباع سياسة الوضع القائم.
   وعلى عكس ما يمكن توقعه فإن سياسة توازن القوى هي التي تقف وراء حالة الاستقرار التي تميز السياسة الدولية.
   فبحسب مورغنتاو دائما، بما أن الدول تسطر سياسات خارجية عقلانية يضعها رجال دولة يفكرون و يتصرفون بما تقتضيه المصلحة الوطنية والقوة فإن السياسة العالمية محمية من خطرين يهددان التحركات الدبلوماسية وهما الاعتماد المفرط على الأخلاق و الجنونية السياسية وهذا ما قاله Kissinger في كتابه الشهير"diplomatic "
   حيث يقول كيسنجر: "رغبة الأمم في الحصول على القوة كل واحدة تهدف إما إلى الحفاظ على قوتها أو تغيير الوضع القائم يؤدي حتما إلى توازن القوى" وهذا إن لم يكن مرادفا للسلام فإنه على الأقل يؤدي إلى استقرار النظام الدولي، وهذا أقل الأشياء التي يمكن للدولة أن تقوم به وإلا فإنها تواجه خطر زوالها ككيان.
   إلا أن مورغنتاو يؤكد في مستهل كتابه وجود عوامل أخرى للاستقرار لا تقل أهمية عن سياسة توازن القوى كـدبلوماسية رؤساء الدول، الأخلاق الدولية، القانون الدولي، وحتى الرأي العام العالمي، وهذا ما يقربه من الواقعيين الكلاسيكيين أمثال آرون و كسنجر ويبعد عن وولز، جبلن، مير شايمر الذين لا يركزون سوى على العلاقات البنيوية للقوة.
   وعلى هذا فإن الواقعية المرغنتالية سواءا في بعدها التحليلي تبقى حبيسة أنتربولوجيته، ولعل أن هوبز هو الذي ألهم مورغانتا , هوبز قام بترجمة اعمال توسدايد من الإغريقية إلى الانجليزية وخاصة كتابه الشهير: حرب البيلوبونيز التي جمعت بين إسارتا وأثنا (431 ق.م-404 ق.م) الذي تكلم عن الطبيعة البشرية التي تدفعه للسيطرة على الآخرين بحيث اقتطف مقولة لرسول آثنا إلى الميلينبين حيث قال: "قانون الطبيعة يقرر دائما أنه حينما نكون الأقوى فإننا نحن الذين نقود،

    لسنا نحن من سن هذا القانون فقد وجد من قبلنا وسيبقى دوما بعدنا".
   -شيء من الحذر مطلوب هنا باعتبار أن السياسة بين الأمم لم تذكر هوبز إلا نادرا، حيث يقول Fier الذي وضع السيرة الذاتية لمورغنتاو أن Niebihr هو الذي ألهم مورغانتاو من خلال علاقة متعدية بين Max Weber، Shmitt و Niebuhr-
   على كل كتاب التنين الذي جاء فيه ما يلي: أضع في الرتبة الأولى وكقانون يخص كل بني البشر الغريزة الأزلية واللامتناهية للبحث عن السلطة من بعد سلطة هذه الغريزة لا تنقضي إلا بعد مماته".
   إلا أن سياسية القوة عند هوبز هي ظاهرة إنسانية طبيعية في نفس الوقت حيث ان هوبز لا يكتفي بالطبيعة الإنسانية كمحدد وحيد للتصرفات الأنانية للدول بحيث يرجعها إلى الحالة الطبيعية الفوضوية التي توجد فيها الدول حيت يقول أنه: "في أي وقت الأمراء والأشخاص الذين يمتلكون زمام صنع القرار هم بسبب استقلالهم في حالة تشكيك دائم في الآخر في وضعية المحارب أسلحتهم مصوبة وأعينهم تنظر إلى الآخر فكل حركة مصوبة وأعينهم تنظر إلى الآخر فكل حركة قد تعني قيام الحرب.
    بطبيعة الحال لم يهمل مورغنثاو بنية النظام الدولي الفوضوي والدليل على ذلك أنه جعل من السياسة الدولية صراعا من أجل القوة مثلها مثل أي سياسة فهو واع بالوضعية التي تدور فيها العلاقات الدولية والتي تختلف عن السياسة الداخلية ففي السياسة الدولية لا وجود لأي حاكم إلا أنه يوضح بأن الاختلافات لاتكمن إلا في الوضعية التي توجد فيها الدولة في الساحة الخارجية وهذا يعني أن السياسة الداخلية والخارجية متشابهتان باعتبار أن كلاهما يمثل الصراع من أجل القوة، ومن هنا نستنتج أن مورغنثاو أنكروجود خصوصية للعلاقات الدولية بالمقارنة مع السيادة الداخلية.
   بعبارة أخرى فان الواقعية المرغنثالية مثلها مثل واقعية كار،نسيت شقا هاما بالمقارنة مع واقعية هوبز حول الاختلاف الراديكالي بين المجال الخارجي والمجال الداخلي، فالأول يتميز بانعدام انفراد وهيمنة الحاكم على وسائل الإكراه الشرعية، بينما الثاني على العكس خاضع لبنود العقد الاجتماعي، لهذا الأمر تصنف الواقعية المرغنثالية كما أكده Doyle في كتابه" طرق الحرب والسلم "Ways of War and Peace" تصنف ضمن التقليل المكيافلي حيث أن مكيافلي شخصيا يرى أن السياسة الدولية هي بطبيعتها سياسة قوة باعتبار الاستحالة على جمهورية التي لا تسعى إلا على الحفاظ على وجودها أن تنعم بالهدوء وأن تتمتع بحريتها، فإن هي لم تهاجم جيرانها فإنها تعرض نفسها لخطر هجومهم عليها وهذا ما يدفعها رغما عنها للبحث عن الهجوم ذلك أن أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم.
   هذه الفكرة تصب في لب أعمال وأفكار Raymond Aron والتي جاءت في معظمها كرد فعل عن أقوال مورغنثاو.
   على عكس مورغنثاو الذي تأثر كثيرا بأعمال كلوزفيتز Clawsswitz، آرون كان متشائما حول موضوع إمكانية وضع نظرية عامة تدرس وتشرح لنا الظواهر في العلاقات الدولية ليس لانعدام موضوع خاص بهده الاخيرة بل بالعكس.
   حيث يقول في كتابه الحرب والسلم بين الأمم أن العلاقات بين الدول تهيمن على كل العلاقات في الساحة العالمية، وفي إطار تساؤله حول طغيان مركزية الدولة "Le stato-centrisme" آرون يتساءل في مستهل تقديمه للطبعة الثامنة لكتابه "الحرب والسلم بين الدول": "هل النظام الدولي أخذ في فقدان أهميته؟ و يجيب قائلا :إجابتي لم تتغير، هذا النظام الدولي يبقى دائما هو المسيطر رغم أنه مع مرور الأيام يبدو أنه آخذ في التراجع".
   عن خصوصية العلاقات الدولية يقول آرون أنه بحث عما يمكن أن يرسم خصوصية العلاقات الدولية حيث يقول: "ظننت أن هذه الخصوصية تتمثل في شرعية ومشروعية اللجوء إلى القوة العسكرية من طرف اللاعبين- ماكس فيبر يعرف الدولة على أنها المهيمن الوحيد على وسائل الإكراه المادية الشرعية وعلى هذا فالمجتمع الدولي يتميز بغياب هيئة تنفرد بامتلاك هذه الوسائل"
   ولكن تحديدا بما أن العلاقات الدولية تتميز بوجود احتمالي الحرب والسلم فإنه من المستحيل أن نخرج إلى نظرية عامة قي العلاقات الدولية كالتي توجد في العلاقات الاقتصادية مثلا وهذا لعدم معرفتنا بخفايا التحركات الدبلوماسية -الإستراتيجية ففي العلاقات الاقتصادية يمكن أن نضع كفاية لكل تصرف أو نشاط اقتصادي هدف هو زيادة الفائدة إلا أنه يرفض أن يعتبر فكرة المصلحة الوطنية المعبر عنها بالقوة المرجع الوحيد الذي يسلك بالواقعية السياسية طريق البحث ومعرفة ما يدور في السياسة الدولية.
   يقصد من هذا مورغنثاو حيث يقول" "بعض المنظرين أرادوا أن يساووا بين العلاقات الدولية وبين العلاقات الاقتصادية… سوى من خلال فكرة المصلحة الوطنية، في هذه الحالة إذا استطاع أن يفسر معنى المصلحة الوطنية فإنه يكون أهلا بأن يملي على رؤساء الدول طريقة تصرفهم باسم العلم، وهذا ما لم يحدث.
   إذ أن تعدد الأهداف واختلافها، التي تضعها مختلف الوحدات السياسية يجعل من المصلحة الوطنية هدفا للبحث لا معيارا للأفعال.
   فكل ما يمكن للمنظر قوله هو أنه خوفا وتجنبا للفناء يجب على كل دولة أن تأخذ في حساباتها احتمال الحرب، ولهذا يجب أن يكون تحليلنا مبنيا على مقاربة سوسيولوجية تمكننا من فهم ما يحكم النزاعات من أسباب وما هي نتائجها…. الخ. هذا من خلال وضع بعض الطرق الخاصة بالأنظمة الدولية وبأهداف ووسائل التحركات الدبلوماسية الإستراتيجية.
    فيما يخص هذه النقطة يذكر آرون الأسباب الثلاث للحرب التي حددها هوبز وهي 1-التنافس، 2-التشكيك في الآخر، و3-التفاخر والتي تدفع بالإنسان للهجوم من أجل1- الفائدة ،2-الأمن و3-الشهرة وهذا ما يمكن إسقاطه على الدولة بحيث تهدف كل سياسة خارجية لتحقيق 1-القوة، 2-الخلود و3-الفكرة، يمكن في هذا الإطار إدراج هوبز ضمن التقليد الفكري لتوسيدايد الذي تكلم عن الشرف، الخوف والمصلحة في كتابه حرب البيلوبونيز.
   رجوعا إلى ريمون آرون فهو يميز بين ثلاث أنواع للأهداف السياسية الخارجية:
1.     أهداف موضوعية معنوية هي: 1- الأمن     2- القوة      3- الخلود
2.     أهداف موضوعية مادية هي: 1- المجال     2- البشر     3- الأرواح.
3.     أهداف مستمدة من نموذج أفلاطون: 1- الجسم     2- القلب     3- الروح
   بعد ذلك يميز بين مختلف الأنظمة الدولية التي توجد الدول داخلها والتي تحاول تحقيق أهدافها في ظلها وهنا تكمن الإضافة التي قدمها للواقعية بحيث أنه في التصنيف الآروني للأنظمة الدولية بحيث عرف النظام الدولي: " مجموع العلاقات بين وحدات في تفاعل مستمر التي قد تنتج عنها حرب شاملة بحيث تكون لهذه الدول أهمية بالغة مثلها مثل ميزان القوى بين هذه الدول".
    حيث يرى أن الميزة الأولى للنظام الدولي هي بنية علاقات القوى بحيث يقابل القطبية التي يكون فيها التنافس بين أكثر من دولتين مع الثنائية القطبية أي أن التوازن لا يكون ممكنا إلا بين معسكرين مجتمعين حول قوتين عظيمتين تتشبث حولها القوى الأقل أهمية، إلا أنه يؤكد أن التصرفات الخارجية للدول لا تحكمهاإلا بنية علاقات القوى بحيث أن "الأفكار والأحاسيس تؤثر كثيرا على اللاعبين" كذلك هؤلاء اللاعبين يختلفون في مصالحهم الوطنية والتي لا يمكن تحديدها بدقة هذا بغض النظر عن النظم الداخلية، ميول الطبقات أو حتى المرجعية الفكرية السياسية".
   الشيء الذي يدفعنا الى التمييز بين النظام المتجانس ونعني به النظام الذي تنتمي فيه الدول إلى نفس النوع أي أنهم يخضعون لنفس الأيديولوجيا ويتقاسمون نفس النظرة السياسية.
   والانظمة الغير متجانسة أين تكون الدول منظمة بحسب قواعد ومبادئ متضادة.
   هذا التمييز ضروري بدليل أن آرون يرجع النظام الدولي للقرن 19م والذي شهد استقرار نسبيا ليس إلى التوازن المتعدد الأقطاب بل إلى قيام الحلف المقدس التي دفعت إلى قيامها مصلحة العروش وتوافق الأيديولوجيات التي وحدت هذه الحكومات وهذا بغض النظر عن تنافس مصالحهم الوطنية، بنفس الكيفية يستنتج عدم التجانس بين المعسكر الغربي والمعسكر السوفييتي فميزة عدم الاستقرار التي ميزت الحرب الباردة رغم أن النظام كان ثنائيا إلا أنه كان غير متجانس.
   إذا كان الاختلاف بين آرون و مورغنثاو واضحا فإن نقاط التقاء توجد مثلا ترتيبهم لعوامل القوة وتحديدهم لها، واختزال هذه العوامل في المجال العسكري فقط.
   كذلك وبالمقارنة بين مورغنثاو و آرون فإن هذا الأخير لا يكتفي بالمستوى من التحليل والذي اعتمد عليه الواقعي الأمريكي والذي يرجع سبب سياسة القوة إلى الطبيعة البشرية، بحيث إذا كان آرون يقر بالدور الذي تلعبه الطبيعة البشرية فإنه يضيف إليها عاملا آخر وهي الحالة التي توجد فيها السياسة الدولية لهذا فإن العلاقات الدولية تجري تحت ظل الحرب.
   إلا أن آرون لا يضع تحليلاته في المستوى الثالث من التحليل بل في المستوى الثاني أيضا ذلك أن النظام الدولي هو مرآة للوحدات السياسية، التي تكونه ومرآة للطبيعة الداخلية لهذه الدول.
   فإذا كان آرون وضع طريقا رابطا بين المنظور الواقعي والمقارنة الليبرالية في العلاقات الدولية بإرجاعه التصرف الخارجي للدول إلى طبيعة الرغبات الاجتماعية تماما مثلما تحدث على مستوى النظام الداخلي(هذا ما ذهب إليه العديد من المفكرين العصريين ثلاثين عاما بعد آرون والذين يشيرون إلى دور المحددات الداخلية والمتغيرات في البيئة الداخلية للدولة، فإنه يمكن مقارنته مع الوجه الثالث في الواقعية وأب الواقعية الجديدة للقرن 20م Kenneth Waltz

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق